– فهي موعظة أسبوعية في بيت من بيوت الله .
– وهي مفروضة بأمر الله تعالى لقوله “يأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فأسعوا إلى ذكر الله …) صدق الله العظيم .
– وهي التي بنيت من أجلها المنابر .
– وهي التي يجتمع لها المسلمون لا يتخلف عنها أحد إلا بعذر شرعي .
وتتركز وظيفة خطبة الجمعة في ثلاثة أمور هي:
أ) الوعظ والتذكير
ب) تعليم المسلمين دينهم عقيدة وشريعة وأخلاقاً .
ت) إرشاد الناس وتوجيههم إلى ما فيه مصالحهم في حياتهم وأحوالهم المختلفة .
تعريف الخطبة وأغراضها وأثرها:
تعريف:
الخطبة: بضم الخاء كلام منثور ومسجوع ومرسل، أو مزدوج بينهما، غايته التأثير والاقناع .
ويقصد بها هنا الخطب التي تلقى على المنابر يوم الجمعة، بقصد حمل الناس على الخير، وترغيبهم فيه، وصرفهم عن الشر ودواعيه، وتبصيرهم بأحوالهم وواقع أمرهم حسب ما يقتضيه أمر الشرع .
والخطبة من جانب الخطيب مقدرة على التصرف في فنون الكلم، مرماها التأثير في نفس السامع ومخاطبة وجدانه .
أغراضها:
الدعوة إلى الصلاح والإصلاح، والاستمساك بأمور الشريعة واقامة الحق والعدل، ونشر الفضائل، وتسكين الفتن، وفض المشكلات، وتهدئة النفوس الثائرة، وإثارة النفوس الفاترة، ترفع الحق وتخفض الباطل، هي صوت المظلومين، وواعظ الظالمين، ولسان الهداية، ولقد نادى موسى عليه السلام ربه (قال رب أشرح لي صدري * ويسر لي أمري * وأحلل عقدة من لساني * يفقهوا قولي*) سورة طه الآيات (25 – 28) فجاءه الجواب الرباني (قد أوتيت سؤلك يا موسى*) .
والغرض هنا الإشارات إلى مجمل الأغراض ، وسوف يزداد الأمر بياناً من خلال الحديث عن أنواع الخطب وخصائص الخطب المنبرية، والفقرة التالية في أثر الخطبة تعطي مزيد بسط في المقصود .
أثرها:
لا يكاد ينجح صاحب فكرة، أو ينتصر ذو حق، أو يفوز داعية إصلاح، إلا بالكلمة البليغة والحجة الظاهرة، والخطبة الباهرة . الخطيب المفوه يلحق بحجته، ويسبق إلى غايته، فيعلو سلطانه، ويتسع ميدانه ، ولهذا فإن القائد المحنك في الجيش يتميز فيما يتميز بذرابة لسانه وحسن خطابه، فيكون خطيباً مصقعاً ولساناً مفوهاً، ولا يذكر حين يذكر إلا منذر الجيش نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ومن بعده خطباء أصحابه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، ثم من بعدهم من صالح سلف الأمة وأئمتها من علوا المنابر فأصغت لهم الآذان ودانت لهم الرقاب .
ولئن كانت الخطبة في بعض مساريها أو مساراتها طريقاً للمجد الشخصي، فإنها في نبل غايتها وعظيم أثرها طريق للنفع العام والإصلاح الشامل .
والخطابة مظهر حضاري للمجتمع الراقي المستنير، يعلو قدرها، ويروج سوقها برقي المجتمع، وانتشار الثقافة فيه، كما أنها تخبو حين ضعفه وذلته .
وثمت جانب في التأثير آخر ينبغي مراعاته، وهو أن تأثير الخطيب في سامعيه ليس بالإلزام أو الإفحام، بل مرده إلى إثارة العاطفة ، وحمله على الأذعان والتسليم، ولا يكون ذلك بالدلائل المنطقية تساق جافة، ولا بالبراهين العقلية تقدم عارية، ولكنه باثارة العاطفة ومخاطبة الوجدان .
ومن هذا فإن الخطيب قد يستغنى عن الدلائل العقلية ولكنه لا يمكن أن يستغنى عن المثيرات العاطفية، ولعلك تدرك أن أكثر ما يعتمد عليه الخطيب في حمل السامعين على المراد مخاطبة وجدانهم والتأثير في عواطفهم .
إن الخطيب المرموق – كما هو معلوم، يأخذ سامعيه باستدراجه اللبق وكلماته الساحرة وصوته العذب المتردد انخفاضاً وارتفاعاً وإثارة وهدوءاً ينشيء جواً عاطفياً مشحوناً ، وهذا معين في التأثير لا ينضب ولا يمل . أما البراهين العقلية فجافة تجلب السآمة .
وحينما يذكر خطاب العاطفة وأثرها فلا يخطر بالبال أن ذلك يعني دغدغة العواطف بالكذب والتزييف، ومخالفة الأقوال للأفعال فهذا حبله قصير بل ضعيف واه ، وهذا ما سيبدوا موضحاً في صفات الخطيب إن شاء الله(1) .
أهداف خطبة الجمعة:
كما جاء في توصيات مؤتمر رسالة المسجد .
أولاً: ينبغي أن تهدف خطبة الجمعة إلى تحقيق الأغراض التالية:
1) الوعظ والتذكير بالله تعالى وبحسابه وجزائه في الآخرة وبالمعاني الربانية التي تحيا بها القلوب، والدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
2) تفقيه المسلمين وتعليمهم حقائق دينهم من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم مع العناية بسلامة الأخلاق والآداب من الغلو والتفريط .
3) تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام، وردّ الشبهات والأباطيل التي يثيرها خصومه لبلبلة الأذهان، بأسلوب مقنع حكيم بعيد عن المهاترات والسباب ، ومواجهة الأفكار الهدامة والمضللة بتقديم الإسلام الصحيح باعتباره منهج الأمة الأصيل الذي ارتضاه الله لها، وارتضته لنفسها ديناً مع إبراز خصائصه من الشمول والتوازن والعمق والإيجابية.
4) ربط الخطبة بالحياة، وبالواقع الذي يعيشه الناس، وذلك بالتركيز على علاج أمراض المجتمع وتقديم الحلول لمشكلاته مستمدة من الشريعة الإسلامية الغراء ، مع اعطاء عناية لشئون المرأة والأسرة المسلمة نظراً لما تتعرض له من فتنة يحرك تيارها أعداء الإسلام .
5) مراعاة المناسبات المختلفة التي تتكرر على مدار العام مثل رمضان والحج وغيرهما مما يشغل أذهان المستمعين ويشوقهم إلى معرفة تنير لهم الطريق بشأنه .
6) تثبيت معنى أخوة الإسلام ووحدة أمته الكبرى ومقاومة النزعات والعصبيات العنصرية والمذهبية والإقليمية وغيرها المفرّقة للأمة الواحدة، والاهتمام بقضايا المسلمين داخل العالم الإسلامي وخارجه، حتى لا ينفصل المسلم فكرياً وشعورياً عن إخوانه المسلمين في كل مكان .
7) إحياء روح الجهاد والقوة في نفوس الأمة، واشعال جذوة الحماس لحماية حرمات الإسلام ومقدساته وأوطانه, وصون دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم والدفاع عن عقيدة الإسلام وشريعته، والعمل لإزالة الطواغيت المعوقين لسير دعوته .
ثانياً: يجب أن تتنزه خطبة الجمعة عن أن تتخذ أداة للدعاية لشخص أو حزب أو نظام وأن تكون خالصة لله تعالى ولدينه، وتبليغ دعوته وإعلاء كلمته (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا) سورة الجن الآية (18) .
ثالثاً: ينبغي ألا تفرض على الخطيب خطبة ، يرددها آلياً لا روح فيه، وأن تترك له الحرية لاختيار موضوعه وإعداده وأدائه بالطريقة التي يرضاها عقله وضميره، وفقاً لما درسه من كتاب ربه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
رابعاً: على العلماء والدعاة الأكفاء أن يضعوا أمثلة رفيعة لموضوعات إسلامية متنوعة، تشتمل على المواد الأساسية لبناء الخطبة في صورة أدلة وشواهد من الكتاب والسنة والسيرة والتاريخ الإسلامي ، والأقوال المأثورة والشعر البليغ لتكون في أيدي الخطباء في شتى الأقطار الإسلامية ليستعين بها من يحتاج إليها في إعداد الخطبة .
خامساً: يجب أن يعتمد في إعداد الخطبة على مصادر المعرفة الإسلامية الموثقة وأن يترفع عن الأحاديث الضعيفة والموضوعة، والإسرائيليات المدسوسة والحكايات المكذوبة، والمبالغات المذمومة لكل ما لا يسنده نقل صحيح أو عقل صريح .
سادساً: يجب أن تكون لغة الخطبة في البلاد العربية هي الفصحى السهلة المفهومة وأن تبعد عن العامية وعن تكلف الأسجاع والألفاظ الغريبة على الأسماع .
أما في غير البلاد العربية فيكفي أن تكون مقدمة الخطبة وأركانها باللغة العربية، وأما موضوع الخطبة بيجب أن يكون باللغة التي يفهمها الحاضرون .
سابعاً: ينبغي أن يكون أداء الخطبة طبيعياً بعيداً عن التغني والتشدق والصياح وكل مظاهر التكلف المنفر .
ثامناً: ينبغي ألا يطيل الخطيب إلى حد يثقل على المستمعين وينفرهم من سماع الخطبة ، وألا يقصر إلى حد يخل بموضوعه ويبتره .
تاسعاً: خطبة العيد ينطبق عليها ما سبق بالنسبة لخطبة الجمعة، مع وجوب رعاية المناسبة الخاصة بكل عيد من عيدي الإسلام، وأن يكون لها طابع الشمول والتذكير العام بمباديء الإسلام(1) .
صفات الخطبة وأساليبها:
يقول الشيخ محمد الغزالي في صفات الخطبة وأساليبها:
1- يحسن أن يكون لخطبة الجمعة موضوع واحد، واضح غير متشعب الأطراف ولا متعدد القضايا، فإن الخطيب الذي يخوض في أحاديث كثيرة يشتت الأذهان وينتقل بالسامعين في أودية تتخللها فجوات نفسية وفكرية بعيدة، ومهما كانت عبارته بليغة ومهما كان مسترسلاً متدفقاً، فإنه ينجح في تكوين صورة واضحة الملامح لتعاليم الإسلام .
والوضوح أساس لا بد منه في التربية، والتعتيم والغموض لا ينتهيان بشيء طائل ، وخطبة الجمعة ليست درساً نظرياً بقدر ما هي حقيقة تشرح وتغرس .
2- عناصر الخطبة يجب أن يسلم أحدها إلى الآخر في تسلسل منطقي مقبول، كما تسلم درجة السلم إلى ما بعدها دون عناء بحيث إذا انتهى الخطيب من إلقاء كلمته كان السامعون قد وصلوا معه إلى النتيجة التي يريد بلوغها . وعليه أن ينتقي من النصوص والآثار ما يمهد طريقه إلى هذه الغاية .
3- ولما كانت الخطبة الدينية تنسج من المعاني الإسلامية المستمدة من (الكتاب والسنة) وآثار السلف الصالح فإن لحمتها وسداها يجب أن يكون من الحقائق المقبولة، وفي آيات القرآن الكريم ومعالم السنة المطهرة متسع يغني في الوعظ والإرشاد ، ولذلك لا يليق أن تتضمن الخطبة الأخبار الواهية ..
وفي الأحاديث الصحيحة والحسنة مجال رحب للخطيب الفاقة في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين والأئمة المتبوعين ما يغني عن الأساطير والأوهام .
4- لا يجوز أن تتعرض الخطبة للأمور الخلافية، ولا أن تكون تعصباً لوجهة نظر إسلامية محدودة . فإن المسجد يجمع ولا يفرق، ويلم شمل الأمة بشعب الإيمان التي يتلقى عندها الكل دون خوض في المسائل التي يتفاوت تقديرها، وما أكثر العزائم والفضائل التي تصلح موضوعاً لنصائح جيدة وخطب موفقة . وقد شقي المسلمين بالفرقة أياماً طويلة وجدير بهم أن يجدوا في المساجد ما يوحد الصفوف ويطفئ الخصومات .
5- بين الخطبة والأحداث العابرة والملابسات المحبطة، والجماهير السامعة علاقة لا يمكن تجاهلها ومما يزري بالخطيب ويضيع موعظته أن يكون في واد والناس والزمان والمكان في واد آخر .
ولأمر ما نزل القرآن منجماً على ثلاث وعشرين سنة . فقد تجاوب مع الأحداث وأصاب مواقع التوجيه إصابة رائعة .
ولما كان القرآن شفاء للعلل الاجتماعية الشائعة، فإن الخطيب يجب عليه أن يشخّص الداء الذي يواجهه، وأن يتعرف على حقيقته بدقة . فإذا عرفه واستبان أعراضه وأخطاره رجع إلى آيّ الكتاب والسنة فنقل الدواء إلى موضع المرض . وذلك يحتاج بصيرة وحذق فإن الواعظ القاصر قد يجيء بدواء غير مناسب فلا يوفق في علاج . وربما أخطأ ابتداء في تحديد العلة فجاءت خطبته لغواً وإن كانت تتضمن مختلف النصوص الصحيحة .
6- من الخير أن تضمن خطبة الجمعة أحياناً شيئاً من أمجاد المسلمين الأولين الثقافية والسياسية وتنويهاً بالحضارة اليانعة التي أقامها الإسلام في العالم مع الإشارة إلى أن ينابيع هذه الحضارة تفجرت من الحركة العقلية التي أحدثها القرآن الكريم واليقظة الإنسانية التي صنعها الرسول صلى الله عليه وسلم، ويكون الغرض من هذه الخطب – على اختلاف موضوعاتها، أن ترجع إلى المسلمين ثقتهم بأنفسهم ورسالتهم العالمية .
7- معروف أن هناك فلسفات أجنبية ونزعات إلحادية تسربت إلى الأمة الإسلامية في كبوتها التاريخية الماضية، وطبيعي أن تتعرض الخطبة إلى درء هذه المفاسد النفسية عن أبناء الأمة، ووظيفة الخطبة في الإسلام عندئذٍ أن تتجنب الأخذ والرد والجدال السيء … ولكن تعرض الحقائق الإيجابية في الإسلام بقوة، وترد على الشبهات دون عناية بذكر مصدرها لأن المهم هو حماية الشريعة الإسلامية .. وليس المهم تجريح الآخرين وإلحاق الهزائم بهم .
8- قبل أن يواجه الخطيب الجمهور ينبغي أن يكون في ذهنه صورة بينة لما يريد أن يقوله . بل أن يراجع نفسه قبل الكلام ليطمئن اطمئناناً إلى صحة القضايا التي سوف يعرضها، وإلى سلامة آثارها النفسية والاجتماعية .
وعليه أن يثبت من الأدلة والشواهد التي يسوقها في معرض الحديث فإن كان قرآناً حفظه جيداً وإن كان سنة رواها بدقة، وإن كان أثراً أدبياً أو خبراً تاريخياً فإن توفيقه يكون بحسب مطابقته أو اقترانه من الأصل المنقول عنه .
إن التحضير المتقن دلالة احترام المرء لنفسه ولسامعيه، وقد تفجأ الإنسان مواقع يرتجل فيها ما يلقي به الناس ويصور ما بنفسه . والواقع أن القدرة على الارتجال تجيء بعد أوقات طويلة من الدربة على التحضير الجيد وعلى تكوين حصيلة علمية مواتية لكل موقف . ومع ذلك فإن المهارة في الارتجال لا تغني عن حسن التحضير للعالم الذي الذي يريد أداء واجبه بأمانة وصدق والذي يقدر انصاف الناس له واحتفاءهم بما يقول .
9- الإيجاز أعون على تثبيت الحقائق، وجمع المشاعر والأفكار حول ما يراد به من تعاليم، فإن الكلام الكثير ينسي بعضه بعضاً، وقد تضيع أهم أهدافه في زحام الإفاضة، ألا ترى أن الأرض تحتاج إلى قدر محدد من البذور كيما تنبت، فإذا كثر النبات بها تخللها الفلاح باجتثاث الزائد حتى يعطي البقية فرصة النما والإثمار .
كذلك النفس البشرية لا تزكو فيها المعاني إلا إذا أمكن تحديدها وتقويمها، أما مع كثرة الكلام وبعثرة الحقائق فإن السامع يتحول إلى إناء مغلق تسيل من حوله الكلمات مهما بلغت نفاستها . وللإطناب الممل أسباب معروفة منها سوء التحضير، فإن الخطيب يلقى الناس بالجزاف من الأحكام والتوجيهات لا يدري بالضبط أين بلغ بقوله، وهل وصل إلى حد الاقناع أم لا فيحمله ذلك على التكرار والإطالة . وما يزداد من الجمهور إلا بعداً .
وقد تنشأ الإطالة عن سوء التقدير للوقت والموقف فيظن الخطيب أن يحسبه أن يقول ما عنده وعلى الناس أن ينصتوا طوعاً وكرهاً – وهذا خطأ، ومما يحكي في قيمة الإيجاز أن أحد الرؤساء طُلب منه إلقاء خطبة في بضع دقائق فقال: (أمهلوني أسبوعاً) فقيل له نريدها في ربع ساعة فقال: (أستطيع بعد يومين)قيل له: فإذا طلبناها في ساعة؟. قال: (فأنا مستعد الآن) إن الإيجاز يتطلب الموازنة والاختيار والمحور والاثبات .
أما الكلام المرسل فالجهد العقلي فيه أقل، والحقيقة أن خمسة دقائق تستوعب علماً كثيراً وعشر دقائق وخمس عشر دقيقة تستوعب خطبة أو محاضرة جيدة[i] .
كيفية إعداد خطيب المسجد
إن إعداد خطيب المسجد يتطلب الخطوات التالية:
أولاً: اختيار المسجد وإمامه من بين طلاب العلوم الإسلامية المشهود لهم بالتقوى والاستقامة والتفوق العلمي، وما يتطلبه هذا الاختيار من عقل راجح وقلب عامر بالإيمان والجرأة في الحق واللسان المبين والرغبة الصادقة في الدعوة إلى الله سبحانه .
ثانياً: وضع المناهج الدراسية الملائمة لهؤلاء المختارين، بحيث تمكنهم هذه المناهج من ممارسة عملهم على أحسن وجه .
إن هذه المناهج لا بد أن تشتمل على الآتي:
1- حفظ كتاب الله ومعرفة ما يلزم من علوم القرآن الكريم، وعلى رأس تلك العلوم تفسير القرآن الكريم .
2- التعرف الدقيق على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع حفظ كثير من الأحاديث النبوية ودراسة علوم دراية الحديث وروايته .
3- الدراسة الفقهية اللازمة التي تمكن الدارس من افتاء الناس في أمور دينهم .
4- الدراسة الجادة والموسعة لسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ..
5- الدراسة الدقيقة لتاريخ الفكر الإسلامي، وتاريخ الفرق الإسلامية مع الاهتمام في هذه الدراسة ببيان وجه الصواب في مذهب كل فرقة عن طريق عرضه على الأصول العامة للدين الإسلامي .
6- دراسة المذاهب والنظريات المعادية للإسلام قديماً وحديثاً، مع التعرف الدقيق على أصول هذه المذاهب ومناقشتها فيما ذهبت إليه .
7- دراسة المذاهب السياسية المعاصرة، والتعرف على محاور ارتكازها الفكرية والسلوكية ومناقشة ما فيها من خلل واضطراب .
8- دراسة موسعة لجغرافية العالم الإسلامي قديماً وحديثاً .
9- دراسة تاريخ العالم الإسلامي قديماً وحديثاً، مع تحليل وتعليل للظروف والملابسات كافتها .
10- دراسة الأقليات المسلمة في العالم المعاصر .
11- دراسة موسعة لأبرز المشكلات التي تتصل ببعض بلدان العالم الإسلامي .
ثالثاً: وضع مناهج تطبيقية عملية لهؤلاء المختارين تتناول فن الخطابة والتأثير في الجماهير مع ضرورة التدريب العملي على ذلك قبل أن يسمح للخطيب بأن يمارس عمله في المسجد .
رابعاً: تحصيل قدر كاف من العلوم الحديثة المتصلة بالمكتشفات والمخترعات التي دخلت على الناس في بيوتهم، مع التعمق في بعض العلوم الكونية كعلم الفلك وعلم الفضاء ومايشبههما من علوم، لأن جهل الخطيب لمثل هذه العلوم بمعزل عن اهتمامات الناس، إلى غير ذلك من العلوم التي يرى بعض المختصين اضافتها إلى حصيلة خطيب المسجد .
فإذا توافرت هذه الاعتبارات كلها في المنهج المعد لخطباء المساجد وأئمتها فلا بد كذلك من أن تتوافر لهم الرعاية الاجتماعية من الدولة إلى الحد الذي يكفل لهم حياة كريمة وظروفاً تمكنهم من أن يظهروا بالمظهر الذي يلائم واعظ الناس وموجههم وإمامهم، والذي يمكنهم كذلك من متابعة أحدث ما تنشره المكتبات ودور النشر من بحوث ودراسات تربطهم دائماً بالعالم الذي يعيشون فيه، دون أن يحدث لهم شيء من الإرهاق المادي، وما لم تتم لخطيب المسجد هذه الضمانات الاجتماعية فإن إعداده يظل ناقصاً وعمله يظل قاصراً وقدرته على ممارسة عمله تظل ضعيفة .